الخصوصية الرقمية

أصبح الأمان الرقمي والخصوصية في الفضاء الإلكتروني من أكثر المواضيع الملحة في العالم التقني اليوم سواء للأفراد أو المجموعات وفي بعض الأحيان تشغل قضايا الخصوصية والأمان مساحة واسعة من الحديث والمناقشات لارتباطها الوثيق بحياة الناس اليومية في عالمنا اليوم.

 

ما هي الخصوصية

لكن في الأساس ما هي الخصوصية؟ وما هي الخصوصية على الانترنت؟

 

"الخصوصية هي قدرة الشخص أو المجموعة على إخفاء المعلومات التي لا يرغب في الإفصاح عنها"

 

هذا هو أبسط تعريفات الخصوصية وأكثرها شمولية أيضًا فهو يتضمن كافة المعلومات التي تخص فرد أو مجموعة ما، وبتطبيق هذا التعريف على الفضاء الإلكتروني العام فمن الممكن أن نضع بالتعريف جميع البيانات التي يتم تداولها ومشاركتها على الإنترنت وأهمية أن تكون مشاركة جميع المعلومات والبيانات على الانترنت عن طريق قرار واعٍ وأيضًا الحق في مسحها وإخفائها بعد مشاركتها في أي وقت وهو ما يعرف بالحق في النسيان.

 

ما هو الأمان الرقمي

"الأمان الرقمي هو حماية البيانات والبرمجيات والأجهزة من الولوج أو السيطرة أو الضرر غير المسموح به"

 

هذا التعريف للأمان الرقمي هو أشمل من تعريف الخصوصية فبالتالي هو يحتوي بشكل كبير على الخصوصية بداخله ويحافظ عليها، فهو يتضمن جميع أشكال الأمان الإلكتروني لأجهزتنا وحياتنا الرقمية.

 

ممارسات الأمان الرقمي والخصوصية على الانترنت

في ضوء تعريفات الخصوصية والأمان الرقمي السابقة من الممكن أن نرسم بعض الممارسات الأساسية للحفاظ على أماننا الرقمي وخصوصيتنا، أهمها على الإطلاق تأمين كافة الحسابات واﻷجهزة عن طريق التشفير الكامل وكلمات السر القوية والمميزة، وأيضًا تجنب المواقع والأدوات التي لا تدعم حقنا في اخفاء المعلومات الشخصية.

 

علينا إذًا القيام بقرارات واعية لاختيار الخدمات والبرمجيات والمواقع التي تدعم خصوصيتنا وأماننا الرقمي.

 

التشريعات الحاكمة للأمان الرقمي

ينص الدستور المصري على حماية خصوصية المواطنين في المادة ٥٧ من الدستور المصري لعام ٢٠١٤ في نصه “للحياة الخاصة حرمة، وهي مصونة لا تمس. والمراسلات البريدية، والبرقية، والإلكترونية، والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها، أو الاطلاع عليها، أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب، ولمدة محددة، وفي الأحوال التي يبينها القانون. كما تلتزم الدولة بحماية حق المواطنين في استخدام وسائل الاتصال العامة بكافة أشكالها، ولا يجوز تعطيلها أو وقفها أو حرمان المواطنين منها، بشكل تعسفي، وينظم القانون ذلك.”

 

ينظم القانون ذلك عن طريق قانون حماية البيانات الشخصية رقم ١٥١ لعام ٢٠٢٠ والذي يوفر حماية البيانات الشخصية الخاصة بما فيها الاليكترونية وينظم عملية الحصول على البيانات ومعالجتها والشروط المطلوبة للحصول على تلك البيانات وضرورة موافقة أصحاب المعلومات للحصول عليها بشكل واع ومدة الاحتفاظ بتلك المعلومات

 

عالميًا، ينظم قانون الاتحاد الأورُبي المسمى بقانون النظام الأوربُي العام لحماية البيانات General Data Protection Regulation تداول بيانات الأفراد أو الشركات أو المواقع التي يقع نطاق عملها أو وجودها الإتحاد الأورُبي ويعتبر القانون هو أشمل تشريع وأكثرها أهمية في الحفاظ على خصوصية المستخدمين للإنترنت والفضاء الإلكتروني العام.

 

ممارسات الشركات الكبرى في استغلال الخصوصية على الانترنت

تقوم الشركات الكبرى على الانترنت باستغلال البيانات الشخصية لمستخدميها وفي بعض الأحيان غير المستخدمين لزيادة أرباحها والسيطرة على السوق بشكل أكبر، بالتالي تعتبر شركات الانترنت الكبرى هي المهدد الأول لخصوصية المستخدمين على الإنترنت فهي تجمع بيانات شديدة الخصوصية مثل البيانات الشخصية الأساسية والموقع الجغرافي والحالة الاجتماعية بل والمحادثات الخاصة كذلك وتستغل تلك البيانات والمعلومات في زيادة عوائد الإعلانات وزيادة استهلاك المستخدمين لمحتوى المواقع والتطبيقات.

 

كيف يمكن للشركات الكبرى أن تحافظ على خصوصيتنا؟

يمكنها ذلك عن طريق اخبارنا بشفافية ووضوح عن البيانات التي تجمعها وبعد الموافقة الصريحة والكاملة عليها وأيضًا عن طريق حقنا الكامل في اخفائها أو في حجب بعضها أو مسحها تمامًا إذا أردنا.

 

وما الحل؟

قد يتمثل الحل في استخدام برمجيات ومواقع بديلة والاستغناء عن المواقع والخدمات غير الضرورية من المواقع الكبرى التي تتحكم في انترنت العالم اليوم.

لكن من المؤكد إن على الشركات الكبرى الالتزام بالشفافية فيما يخص ما تفعله ببيانات المشتركين، وأن تحترم بشكل أكبر خصوصيتهم.

فيما يخص المستخدمين، يجب عليهم تثقيف أنفسهم فيما يخص خصوصيتهم/ن وأمنهم/ن الرقمي