التكلفة الحقيقية للتطبيقات مفتوحة المصدر والمستضافة ذاتيًا
التطبيقات الاحتكارية تقيد ما يمكن عمله بالتطبيق، وتجمع بيانات عن المستخدمين وتهدد خصوصيتهم، وتسعى إلى سجن المستخدم داخل التطبيق لأطول وقت، وتجعل من انتقال المستخدم بالبيانات إلى منصة أخرى أمرًا يكاد يكون مستحيلًا، ثم تستغل ذلك في رفع تكلفة الخدمة أو جعلها أسوأ ليجد المستخدم نفسه مجبرًا إما على دفع ثمن اشتراك أعلى أو القبول بخدمة مجانية سيئة.
في المقابل عالم التطبيقات مفتوحة المصدر وذاتية الاستضافة هو عالم مفعم بالحرية والانفتاح، مختلف تمامًا عن عن التطبيقات الاحتكارية. فأنت لديك الحرية في التحكم الكامل ببيئتك من حيث العتاد والبرمجيات المستعملة، وكيفية إدارة، البيانات وإجراءات تأمينها من التلف والاختراق، ويمكنك الانتقال ببياناتك من خدمة إلى أخرى.
الكثير من خدمات التخزين السحابية أو حتى التطبيقات تعتمد على الاشتراكات الشهرية والتي قد تكلف الكثير من المال في حالة اشتراكك في أكثر من خدمة، ما يجعل الاستضافة الذاتية لتطبيقات مجانية خيار مثالي لا يتطلب التفكير مرتين.
ولكن في الحقيقة عليك التفكير مرتان، فالاستضافة الذاتية لا تعني أنك ستنتقل للتطبيق الجديد في لحظة أو بلا أي مصاريف.
غالبًا بعد قراءتك لإحدى مقالاتنا قد جربت تطبيق مفتوحة المصدر، وربما كذلك كنت قد ذهبت في رحلة تثبيت واستعمال إحدى التطبيقات ذاتية الاستضافة.
إذا كنت قد قمت بذلك بالفعل، فأنت غالبًا على بعض الدراية بما سنتحدث عنه: رغم ما تقدمه التطبيقات مفتوحة المصدر وذاتية الاستضافة إلا أنها ليست بلا تكلفة، واستضافة بضع خدمات، وإن بدا كخيار موفر قد لا يكون كذلك.
سواء كانت تطبيق محلي أو مستضاف ذاتيًا، ستحتاج إلى تعلم كيفية استخدامه.
رغم سعي البدائل المجانية لتوفير نفس المزايا والوظائف الموجودة في مثيلتها الاحتكارية إلا أنها لا تقدم تجربة متطابقة مائة بالمائة ففي الحقيقة أنت تتعلم برمجية جديد، وكيفية استعمالها، ومتطلباتها لتحقيق نفس الوظيفة التي كنت تستعملها في التطبيق الاحتكاري.
بالإضافة إلى الوقت المستغرق في تثبيت، وتكوين الإعدادات، وكلما كان التطبيق معقد زاد الوقت المستغرق في إعداده.
إذا كنت تستضيف الخدمات على جهازك في المنزل، فهناك تكلفة وقت تعلم كيفية عمل العتاد ومتطلباته وأي إعدادات خاصة قد يتطلبها التطبيق.
تتطلب الاستضافة الذاتية قدر ليس ببسيط من المعرفة والمهارات التقنية ليس فقط لأنك ستتعلم كيفية استعمال برمجية جديدة بواجهة ووظائف قد تكون مختلفة عن البرمجيات الاحتكارية ، ولكن أيضًا لأنك المسئول عن إعداد التطبيقات وكشف المشكلات وحلها إلى جانب المتابعة والصيانة الدورية، بمعنى أن ما توفره من مال تبذله كوقت ومجهود مستغرق في إعداد الخادم إلى جانب التطبيقات التي ترغب في استضافتها.
سواء كانت التطبيقات ذاتية الاستضافة مثبتة على خادم في منزلك أو على خدمة سحابية يتعين عليك الاهتمام بإعدادات أمان كل من الخادم، والتطبيقات، والبيانات.
عليك تخطيط وتنفيذ آليات الحماية والأمان مثل الجدار الناري، والحماية من الفيروسات، والتشفير، والتحقق، ومتابعة حالة الخادم باستمرار لتجنب أي مخاطر أو هجمات سيبرانية محتملة.
لا يتوقف الأمر على الإعداد المبدئي للتطبيقات وتأمين الخادم وحسب، فعليك أيضًا العناية به وإجراء الصيانة بشكل دوري، فأنت تحتاج إلى إلى إجراء مهام الصيانة من النسخ الاحتياطي، والتحديثات، وتحديثات الإصلاح الأمني بشكل دوري. وفي حالة كنت تمتلك الخادم في منزلك، عليك أيضًا استبدال العتاد التالف متى حدث عطل.
في حالة وجود أي مشكلة في الخادم أو التطبيقات ستجد نفسك بخيارات دعم محدودة، فلا يوجد فريق دعم تقني يتولي عنك أمر متابعة الخدمات وضمان عملها بسلاسة، بل عليك البحث بنفسك عن سبب المشكلة وحلها بنفسك أو سؤال المستخدمين الآخرين على منتديات الدعم. ولأنك ستتبع أفضل الممارسات للحفاظ على بياناتك من التلف بعد كل هذا الوقت والمجهود المبذول في تهيئة الخادم والتطبيقات، فستعد موقع واحد آخر على الأقل لتخزن فيه النسخ الاحتياطية في حال حدوث شيء لموقع تخزين النسخ الاحتياطية الأساسي وفقدانها.
وعندما ننظر من الناحية المادية نجد أن هنالك تكلفة الاستضافة على السحابة، والتي قد تتفاوت بشكل كبير حسب مقدم الخدمة.
إذا كنت اخترت الاستضافة على خادم في منزلك، فأنت ستدفع تكلفة الخادم مقدمًا وهي ليست بزهيدة الثمن، ولأنك ستريد الخادم متاح على مدار الساعة، ستستثمر أيضًا في أنظمة منع انقطاع التيار الكهربي (UPS)، أضف إلى فاتورتك الشهرية تكلفة استهلاك الخادم للكهرباء للكهرباء، وربما أيضًا باقة إنترنت أسرع لتضمن سلاسة الوصول إلى الخادم.
وسواء كان خادمك على السحابة أو موجود في منزلك ستدفع في خدمات ثانوية كالنسخ الاحتياطي، أو اسم النطاق، أو مراقبة الخدمات، إلخ.
بعد تلك التكلفة المبدئية، ستصبح الأمور مستقرة نسبيًا، ولكن عتاد الكمبيوتر لا يعيش للأبد، ستظل هناك مصاريف صيانة من حين إلى آخر، متمثلة في استبدال العتاد التالف كأقراص التخزين أو المراوح وما إلى ذلك، أو ترقية مكونات الخادم في حالة احتياجك إلى رفع قدرته ليظل مواكبًا لمتطلبات الخدمات ذاتية الاستضافة التي تستعملها.
عندما تقرر الاستثمار في التطبيقات مفتوحة المصدر وذاتية الاستضافة المجانية مقابل الاستثمار في الخدمات الاحتكارية التي لا يستغرق إعدادها أكثر من دقائق، فأنت تستثمر في حرية التحكم في بيئة الاستضافة، وأمان بياناتك، ومرونة الاستعمال، وتوفر المال ولكن كل هذا يعني أنك ستصبح فعليًا فني الدعم لخادمك، عليك معرفة تفاصيل عمله، ومتابعة حالته باستمرار، وصيانته بشكل دوري، وإصلاح أي أعطال قد تطرأ. بالإضافة إلى إدارة الخدمات المُستضافة عليه من أول الإعداد والتكوين مرورًا بحل المشكلات وانتهاء بتثبيت التحديثات وضمان عودة الخدمات للعمل بنجاح.
استعمال التطبيقات مفتوحة المصدر وذاتية الاستضافة يتطلب خبرة تقنية والكثير من الوقت، لذا عليك التفكير جيدًا في ما إذا كان ذلك هو الخيار الأفضل لك، ولكن رغم التعقيدات قد تجد رحلة بناء خادمك بنفسك رحلة ممتعة ومجزية للغاية مثل حديقتك الصغيرة التي تعتني بها.