لمناهضة العنف.. كيف تسرق تطبيقات النساء البيانات؟

 

يشتهر العنف الرقمي بكونه من شخص لآخر، عادًة ما يهددك مبتز خلف الشاشة، لكن ماذا يحدث إن كانت شركة هي من ترتكب عنف إلكتروني تّجاه النساء؟

هذه المرة الشركات هي المتهم الأكبر، بقدرتها على الوصول إلى البيانات الشخصية الحساسة ثم مشاركة البيانات مع طرف ثالث غير معلوم الهوية للمستخدم\ة أو بيعها، في السنوات القليلة الماضية اتهمت الحكومة الفدرالية شركتين أمريكيتين وهما "Near Intelligence" و "Outlogic" بإساءة استخدام البيانات، ظهرت الشركة الثانية في قائمة 90 شركة تُعرف باسم "سماسرة البيانات" في ولاية كاليفورنيا الأمريكية.

استهدفت "سماسرة البيانات" الأطفال والنساء تحديدًا، حيث بيعت بيانات النساء اللاتي يترددن على مراكز طب الأسرة لإجراء إجهاض أو عمليات تحديد النسل في الولايات المتحدة، إلى ناشطين يهاجمون الإجهاض، فضلًا عن جمع 12 شركة تطبيقات لبيانات الصحة الإنجابية للنساء الحوامل، فضلًا عن 20 شركة تجمع بيانات شخصية للأطفال.

عيادات افتراضية نسوية

ظهر مصطلح "تكنولوجيا النساء" أو الطب النسوي الرقمي عام 2016 للمرة الأولى، على يد رائدة الأعمال "إيدا تين"، الذي يهدف إلى تمكين النساء عبر تتبع حالتهن الصحية من خلال تقديم خدمة رقمية تتضمن تطبيقات وعيادات افتراضية على الإنترنت، لاستبدال العيادات التقليدية وتمكين النساء من حماية البيانات بشكل أفضل.

تشمل الخدمات نطاق واسع في مجالات صحة المرأة؛ مثل صحة الخصوبة والتبويض وتتبع الدورة الشهرية فضلًا عن فحص وتشخيص سرطان الثدي والرئة، الاهتمام بالتغذية والرياضة للوقاية من أمراض قاع الحوض وزيادة فرص تكيس المبايض.

وتشير توقعات خبراء الاقتصاد إلى زيادة فرص نمو الإيرادات بنسبة مزدوجة الرقم في سوق الصحة الرقمية للنساء، حيث تتراوح تقديرات حجم التكنولوجيا النسائية الحالي من 500 مليون دولار إلى مليار دولار.

وتقدم تكنولوجيا النساء؛ الخدمات التالية:

أولًا: الرعاية الطبية؛ تتعاون تلك الشركات مع شركات أخرى للتأمين الصحي تقدم عيادات افتراضية على الإنترنت، ثم بعدها تأتي مرحلة العلاج وتوصيل "الروشتة" أو الوصفة الطبية.

ثانيًا: الرعاية الذاتية؛ تقدم الشركات أجهزة تتبع قابلة للارتداء للبيانات الصحية، فضلًا عن أجهزة التشخيص المنزلي بما في ذلك تشخيص الصحة الإنجابية والخصوبة لدى النساء.

ثالثًا: التشخيص؛ لم تصل هذه الخدمة إلى أن تكون رقمية بالكامل، بسبب الحاجة إلى التشخيص السريري مثل أمراض بطانة الرحم وكذلك الولادة.

رابعًا: علاج بـما يسمى بـ "وصمة العار"؛ مثل صحة الدورة الشهرية والصحة الجنسية والعناية بالحوض وانقطاع الطمث.

خامسًا: تقديم الرعاية المصممة خصيصًا للفئات الحساسة للنوع الاجتماعي مثل المثلية الجنسية.

رغم أن هذه التكنولوجيا توصف بأنها سوق التطبيقات المحمولة للنساء، إلا أنها لم تصل لجميع الإناث في العالم بسبب خدمات الإنترنت، رغم ذلك فهي أيضًا لديها القدرة على الوصول إلى بيانات حساسة وتفتقر إلى الأمان الرقمي.

بيع البيانات.. عنف آخر ضد النساء

نشطت تطبيقات تتبع الدورة الشهرية والخصوبة وتتبع مراحل الحمل خلال عام 2019، إلا أن بعد سقوط قضية "رو" التي رفعها ناشطون ضد هيئة الغذاء والدواء الأمريكية لمنع حبوب الإجهاض؛ بعد الاستناد على بيانات النساء من شركات البيانات، صرح مسؤول بالبيت الأبيض بالحذر من استخدام التطبيقات.

وأجرى باحثون تجربة عملية على 23 تطبيقًا أكثر شيوعًا لصحة النساء، على نظامي الأندرويد و "ios"، للتأكد من سياسة الأمان والخصوصية على تلك التطبيقات.

كشف التقييم المنشور عبر الدورية العلمية "JMIR" عام 2022، أن التطبيقات تجمع بيانات شخصية متعلقة بالصحة إضافًة إلى تتبع سلوك المستخدمات، سمحت 61% من تلك التطبيقات بتتبع الموقع الجغرافي، وعرض 70% فقط على سياسة خصوصية وطلب 52% موافقة المستخدمين وحصل تطبيق واحد على موافقة زائفة.

وشارك 20 تطبيقًا بيانات المستخدمات مع جهات خارجية، بينما لم يتمكن الباحثون من معلومات المشاركة من الثلاث تطبيقات المتبقية، شارك 13 تطبيقًا فقط المستخدمات حول أمن البيانات.

جمع تطبيقان بيانات تخص هوية المستخدم مثل الاسم واللقب وعنوان البريد الإلكتروني، بينما جمع 11 تطبيقًا معلومات بمجرد التحميل وتسع تطبيقات لم تتطلب الموافقة.

كيف تشارك التطبيقات البيانات؟

تخزن معظم التطبيقات البيانات إما محليًا على هاتفك أو جهاز آخر أو من خلال السحابة أو الخادم، بالتالي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلالك، مع ذلك من الممكن بيع البيانات المسجلة عبر الخادم أو السحابة عن طريق اختراق أمني.

قد تشارك بعض التطبيقات البيانات مع جهات خارجية، على سبيل المثال السماح بوصول الإعلانات إلى التطبيق، قد تتطور هذه الخطوة في تطبيقات الحمل لاحقًا بالاستهداف مثل إعلانات حليب الأطفال للأمهات بعد الولادة.

التطبيقات الآمنة

رغم جمع البيانات، إلا أن التطبيقات قد تساعد في تتبع الدورة الشهرية وتقديم تقرير مفصل حول البيانات الصحية، لذا التطبيقات التالية تعتبر مفيدة وتتفق مع معايير السلامة الرقمية:

1-تطبيق "Clue"

يستخدم هذا التطبيق خاصية التشفير لحماية المعلومات الشخصية، ما يجعله آمنًا في حماية البيانات المقدمة عن الدورة الشهرية.

2-تطبيق "Ovia"

هذا التطبيق مخصص للدورة الشهرية والحمل، يتيح للمستخدمات التحكم في البيانات وتعديل إعدادات الخصوصية بشكل دقيق.

3-تطبيق "Period Tracker by GP Apps"

يتيح هذا التطبيق المتخصص في تتبع الدورة الشهرية والأعراض المرتبطة بها، خدمة لتشفير البيانات لتأمين معلومات الحساب.

4-تطبيق "MyFlo"

يوفر هذا التطبيق للمستخدمات خاصية التحكم في بيانات الحساب، هو تطبيق لمساعدة النساء على فهم دورة الطمث وتحديد أفضل وقت للنشاط الجنسي والأوقات المناسبة للراحة.

نصائح لاختيار تطبيق صحي

1-مراجعة سياسة الخصوصية والأمان في التطبيق، لم تعد رفاهية للسماح بالمعلومات التي يمكن مشاركتها.

2-قراءة التقييمات حول أمان التطبيقات.

3-اختيار التطبيقات التي تستخدم خاصية تشفير البيانات، مع إنشاء كلمة مرور قوية وفريدة.

وأخيرًا، لا يجب أن نتوقف عن مطالبة شركات التطبيقات باحترام خصوصية النساء، وعدم توجيه عنف رقمي من خلال بيع البيانات، أو أن نكون على الجهة المضادة ولا نستخدم التطبيقات نهائيًا، بينما يمكننا أن نتبع ممارسات آمنة لاحترام البيانات قدر الإمكان.