كلنا مش عايزين صورة

 

 

عام 2016 نشرت شركة هواوي صورة دعائية لقوة الكاميرا في هاتف Huawei P9 على أشهر منصات التواصل الاجتماعي، لكن سرعان ما اكتشف الناس أن الصورة ليست بواسطة هذا الهاتف، إنما بواسطة كاميرا كانون احترافية، وما كشف هذه المعلومة هو احتواء الصورة على بيانات الكاميرا، التي ظهرت بوضوح على Google+ (موقع تواصل اجتماعي أطلقته جوجل ثم أغلقته بعد مدة). السؤال هنا، هل كنت تعرف أن الصورة التي التقطتها قد تدع الآخرين يعرفون نوع الجهاز الذي التقطتها به؟ في الحقيقة هي تقول أكثر من ذلك بكثير، وتلك المعلومات الإضافية التي تختبئ في ملفاتنا تسمى الملفات الوصفية (metadata أو EXIF data).

 

 

ماذا تكشف عنا الصور؟

أثناء كتابة هذا المقال جربنا استخدام صورة التُقطت بواسطة تطبيق الكاميرا الافتراضي في هاتف من نوع شاومي بينما كان الـ GPS مفعلا، ووضعنا هذه الصورة على برنامج Metadata Cleaner، فأشار إلى وجود 58 معلومة توصل لها من خلال ملف هذه الصورة، ومنها نوع الجهاز ووقت التقاط الصورة بالثانية، ومعلومات كثيرة عن إعدادات الكاميرا والجهاز، وإحداثيات الموقع الجغرافي بدقة كبيرة. ويتوقف عدد المعلومات التي تختبئ في كل صورة على بضعة عوامل؛ مثل التطبيق الذي التقط هذه الصورة، فقد تحتفظ بعض التطبيقات ببيانات أكثر من غيرها، وبعض التطبيقات تضع في إعداداتها خيارات لتحديد ما إذا كانت الصور ستتضمن بيانات معينة أو لا، ويتوقف أيضا على المستشعرات الموجودة في الجهاز، فإذا التقطنا صورة بكاميرا لابتوب مثلا ستكون البيانات الوصفية لهذه الصورة متواضعة مقارنة بواحدة التقطناها بواسطة كاميرا هاتف يحتوي فلاش والعديد من المستشعرات لتحديد الموقع والدوران والكثير من الأشياء الأخرى. ويتوقف عدد المعلومات التي تتمكن من الاختباء خلف الصور حسب مكان نشر هذه الصور أو تداولها، فإذا أرسلنا الصورة في مرفقات البريد الإلكتروني، ستحتوي على بياناتها الوصفية كاملة، أما إذا أرسنالها عبر خدمة تعالج الصور أولا (مثل معظم منصات التراسل) لن يمكن لمن يتلقى هذه الصور الوصول إلى البيانات الوصفية بها، لأن معالجة الصور لإرسالها بأسرع شكل يتضمن إزالة البيانات الوصفية وتقليل حجم الصورة.

 

ليست الصور فقط

البيانات الوصفية هي كل بيانات لا تعتبر جزءا مباشرا من محتوى الملف، لكنها تساعد في التعرف عليه ووصفه لتصنيفه وربطه بالملفات الشبيهة، لهذا نجدها في العديد من أنواع الملفات، فملف بصيغة PDF مثلا قد يخبرنا أيضا بالأداة التي صنعته، ويخبرنا ملف أي تصميم باسم المصمم، ويخبرنا ملف صوتي لأغنية باسم المغني وتاريخ إصدارها واسم الألبوم وحتى تصنيفها، وتخبرنا بعض الملفات بنوع الجهاز واسم المستخدم وإعدادات إنشائه وغير ذلك مما يمكن استخدامه للتوصل إلى معلومات ربما لم نكن نرغب بمشاركتها.

 

الأمر ليس سيئا دائما

قد نتساءل بعد معرفة هذه المعلومات عن سبب وجود البيانات الوصفية من الأساس، فلماذا تتم إضافتها إذا كانت تفشي كل هذا القدر من المعلومات؟ البيانات الوصفية مفيدة لتصنيف الملفات حتى يتمكن المستخدم من فتح معرض الصور في جهازه مثلا وعرض الصور حسب تاريخ التقاطها، وعند إضافة الموقع الجغرافي للصورة يمكن للمعرض أيضا تصنيف الصور حسب مكان التقاطها، وتساعد تلك البيانات أيضا في التحري عن صحة الأخبار ودقة الصور المستخدمة فيها، فإذا كان الخبر يزعم حدوث شيء في بلد ما ويقدم صورا كدليل على صحة هذا الأمر، يمكننا إثبات خطئه إذا كانت البيانات الوصفية للصور موجودة ولم تتم معالجة الصور ومحو بياناتها الوصفية إذا وجدنا الموقع الجغرافي لالتقاط هذه الصور يختلف عن المكان الذي يزعم الخبر حدوث هذا الشيء فيه. كما تفيدنا تصنيفات الملفات الصوتية عندما نستخدم مشغل موسيقى يصنف لنا المحتوى حسب المؤدي أو السنة أو الألبوم، ففي كل تلك الحالات نستفيد من البيانات الوصفية، لكن ندرك أيضا أننا قد نحتاج محوها قبل مشاركة ملفات معينة إذا لم نكن نرغب بمشاركة هذه البيانات الإضافية مع الآخرين.

 

كيف أمحو تلك المعلومات؟

عند التقاط الصور، هناك طريقتان أساسيتان لتقليل البيانات الوصفية في الملفات الناتجة؛ الأولى أن نتصفح إعدادات الكاميرا ونلغي تفعيل ما يمكن إلغاؤه من بيانات وصفية فيها، وبهذا لا تضيف الكاميرا هذه المعلومات إلى الصور التي تلتقطها، وهذه الإعدادات تختلف بين أجهزة الكاميرا المختلفة وبين تطبيقات الكاميرا على الهواتف ولمنع إضافة الموقع الجغرافي إلى الصورة على الهاتف يمكن تعطيل إذن وصول تطبيق الكاميرا إلى الموقع الجغرافي في كل من أندرويد و iOS، والطريقة الثانية أن نستخدم تطبيقا أو برمجية لإزالة البيانات الوصفية من الصورة بعد التقاطها، وهناك العديد من التطبيقات والبرامج منها:

لأجهزة أندرويد:

 

لأنظمة ويندوز و macOS:

 

لأنظمة لينكس:

 

ولم نجد تطبيقا مجانيا موثوقا على هواتف أيفون، لذا يفضل أن يلغي المستخدم وصول تطبيق الكاميرا إلى الموقع الجغرافي، ويمكنه استخدام جهاز آخر لإزالة البيانات الوصفية، ويمكنه حتى إرسال الصور إلى نفسه باستخدام تطبيق يعالجها ويزيل تلك البيانات مع عدم تفعيل خيار إرسال الصورة كملف (أو بجودتها الأصلية)، ولا نرشح استخدام مواقع الوب التي تتيح إزالة البيانات الوصفية وتطلب منك رفع ملفات الصور، لأن المستخدم لا يستطيع التأكد من ممارسات الخصوصية في تلك المواقع وما إذا كانت تحتفظ بتلك الصور أو لا.