رحلة تشغيل الكمبيوتر من ضغطة الزر حتى واجهة الدخول

في كل مرة تضغط فيها على زي تشغيل الكمبيوتر، تنتظر قليلًا، بين شاشة سوداء أو علامة مصنع الكمبيوتر، قبل ظهور علامة تحميل نظام التشغيل وأخيرًا ظهور شاشة تسجيل دخول المستخدم. رغم أن الأمر لا يستغرق أكثر من بضع ثوانٍ، لا يبدأ الكمبيوتر بتحميل نظام التشغيل من البداية بل ينفذ الجهاز سلسلة من الخطوات حتى يضمن عمل نظام التشغيل كما يجب، تسمى تلك العملية بالإقلاع أو التمهيد (Boot Process) وهي تحدث في كل مرة تشغل فيها الكمبيوتر.

ببساطة الإقلاع هو عملية تهيئة العتاد (المعالج، وذاكرة الدخول، إلخ.) والبرمجيات (نظام التشغيل) لجعل الكمبيوتر جاهز للاستعمال من قبل المستخدم.

:يوجد نوعان من الإقلاع
 

الإقلاع البارد

وهو تشغيل الكمبيوتر بعد حالة الإيقاف التام أو من حالة "باردة"، في الإقلاع البارد تفحص البايوس عتاد الكمبيوتر وتهيئها لتحميل نظام التشغيل.


الإقلاع الدافئ

وهو إعادة تشغيل الكمبيوتر (Restart/Reboot) دون إيقافه تمامًا أو من حالة "دافئة. في الإقلاع الدافئ يتخطى الكمبيوتر جزء من عمليات تهيئة العتاد ويحمل نظام التشغيل، الإقلاع الدافئ قد يكون مطلوب في حالة تنزيل تحديث لنظام التشغيل أو تثبيت برامج تتطلب تعديل التكوين، أو في حالة عدم عمل بعض التطبيقات كما يجب.
 

دعنا نأخذك في رحلة عملية الإقلاع من أول ضغطك على زر التشغيل حتى شاشة تسجيل الدخول

 


بدء التشغيل

في كل مرة تضغط على زر تشغيل الكمبيوتر ترسل إشارة التشغيل إلى اللوحة الأم، لتبدأ بتهيئة عتاد الجهاز للعمل. يبدأ الجهاز من صفحة بيضاء، ليس لدى المعالج أية أوامر ولا يدري الكمبيوتر أين يقع نظام التشغيل.

قد تقول أن الأمر بسيط وأنه يمكن تخزين معلومات نظام التشغيل على قرص التخزين، ولكن الأمر ليس بتلك السهولة، فماذا لو كان هناك أكثر من قرص تخزين، وماذا لو لم يكن هناك قرص تخزين بالأساس؟

الحل لتلك الأسئلة هو استعمال وسيلة أخرى تضمن تخزين المعلومات التي يحتاجها الكمبيوتر للعمل بغض النظر عن وجود قرص تخزين أو عدمه.


اختبار التشغيل الذاتي

يأتي الكمبيوتر بهذه الوسيلة بالفعل، فإحدى إشارات التشغيل تذهب إلى شريحة خاصة على اللوحة الأم، هذه الشريحة هي ذاكرة قراءة فقط (ROM)، أي ذاكرة غير مصممة للمحو وإعادة البرمجة، ولكن يمكن استعمالها لتخزين بيانات غير متوقع تعديلها أو تطلبها تحديث مستمر. هذا اختلاف جذري في كيفية العمل عن ذاكرة الدخول أو قرص التخزين، فالأولى تنسى محتواها بانقطاع التيار الكهربي، والثاني يمكن أن يُمحى في أي وقت أو قد لا يكون موجودًا بالأساس. الخصائص الفريدة تلك هي ما تجعل ذاكرة ROM مثالية لتخزين بعض البرمجيات بسيطة التي تؤدي مهام محددة ومباشرة، أي برمجيات ثابتة لا حاجة لتعديلها بشكل دوري أو ربما مطلقًا (Firmware).
 

تأتي ذاكرة ROM ببرمجية ثابتة تسمى ’بايوس‘ (BIOS) أو ’يو إي إف آي‘ (UEFI)، وهي مسئولة عن تنفيذ عملية من المهام لضمان قدرة الكمبيوتر على العمل.

بمجرد تشغيل الكمبيوتر، ينفذ المعالج أوامر مبرمجة فيه مسبقًا، وهي الذهاب إلى ذاكرة ROM وتحميل برمجية BIOS/UEFI الثابتة عليها. أول ما تنفذه البرمجية هو اختبار التشغيل الذاتي (POST) وهو البحث عن المكونات المختلفة للجهاز من ذاكرة دخول وأقراص تخزين وغيرها والتأكد من عملها كما يجب.
 

هل تتذكر صوت الصفارة عند بدء تشغيل الكمبيوتر؟ تُصدر صفارات مختلفة في حال وجود عطل بأحد المكونات الأساسية للكمبيوتر.


البرمجية الثابتة

احتوت أجهزة الكمبيوتر القديمة على برمجية BIOS، أو النظام الأساسي للإدخال والإخراج (Basic Input/Output System)، بعد ضمان أن عتاد الكمبيوتر جاهز تبحث برمجية BIOS في أول 512 بايت على قرص التخزين عن سجل الإقلاع الرئيسي (MBR)، وهو ما يشبه جدول يحتوى تفاصيل أقسم وحدات التخزين المختلفة ومكان البرمجية التالية التي يجب تحميلها. بعثورها على السجل تعلم برمجية BIOS الآن بمكان محمل الإقلاع وتباشر بتحميله وتسليم التحكم بالكمبيوتر إليه.


تحتوي أجهزة الكمبيوتر الحديثة على برمجية شبيهة بالـ BIOS تسمى UEFI أو الواجهة الموحدة للبرمجيات الثابتة القابلة للامتداد (Unified Extensible Firmware Interface)، وهي تشبه برمجية BIOS إلى حد كبير وتؤدي نفس المهام من اختبار التشغيل الذاتي وتحميل محمل الإقلاع ولكنها تدعم مزايا أكثر مثل مساحات تخزين أكبر ومزايا أمان متطورة، مثل برمجية BIOS، تنفذ برمجية UEFI اختبار التشغيل الذاتي وبعد ذلك تحمل قسم ESP على قرص التخزين والذي يحتوي على محملات إقلاع EFI، من هناك، تحمل البرمجية محمل الإقلاع وتسلم التحكم بالكمبيوتر إليه.


محمل الإقلاع

تعتبر مهمة محمل الإقلاع (Bootloader) الأساسية هي تحميل النواة (أهم عنصر في نظام التشغيل) إلى ذاكرة الدخول. يتولى محمل الإقلاع مثل GRUB على لينكس أو BOOTMGR على ويندوز مسؤولية التحكم بالكمبيوتر من البرمجية الثابتة BIOS أو UEFI، يعلم محمل الإقلاع موقع نظام التشغيل وحسب إعداده قد يظهر للمستخدم قائمة بأنظمة التشغيل المثبتة على الجهاز في حالة وجود أكثر من واحد. وينتهي دور محمل الإقلاع بتحميل نظام التشغيل، والتي ستبدأ الخطوة الرابعة والأخيرة وتتولى أمر الجهاز في كل شيء من الآن فصاعدًا.


النواة ونظام التشغيل

بعد رحلة عبر عدة برمجيات يصل التحكم بالكمبيوتر إلى النواة التي تحمل الأجزاء الأساسية من نظام التشغيل كبرامج التعريف، وإدارة الذاكرة والعمليات، وبدء البرامج، وأخيرًا، تظهر واجهة تسجيل دخول المستخدم لتدخل كلمة المرور وتبدأ جلستك.



من أول التأكد من قدرة العتاد على العمل مرورًا باختيار الجهاز الذي يتم منه الإقلاع، حتى تحميل النواة ونظام التشغيل أو استكمال العمل بعد إسبات، تؤدي كل برمجية في عملية الإقلاع دورها الخاص من أجل ضمان عمل الكمبيوتر بسلاسة وكفاءة.

المرة القادمة التي تشغل فيها جهازك، تذكر أن عملية الإقلاع ليست نتاج مجهود فردي، وإنما هي تعاون عدة برمجيات سويًا لتأخذ الكمبيوتر خطوة بخطوة تجاه البدء بنجاح. 



الاختصارات:

BIOS: Basic Input/Output System
EFI: Extensible Firmware Interface

ESP: EFI System Partition

MBR: Master Boot Record

POST: Power-On Self Test

ROM: Read-Only Memory

UEFI: Unified Extensible Firmware Interface