هل الذكاء الاصطناعي متهم بتدمير البيئة؟

..الذكاء الاصطناعي VS البيئة

أيهما ينتصر؟

يعتبر بعض الأشخاص أن تحسن الذكاء الاصطناعي تقدمًا تكنولوجيًا وعلميًا، لأنه يتمم المهام التي تحتاج إلى ذكاء بشري بسرعة ودقة، إلا أنه يحمل جانبًا مظلمًا للمناخ والبيئة.

في مقابلة للرئيس التنفيذي السابق لشركة جوجل، "إيريك شميت"، خلال شهر أكتوبر الماضي، صرح بأن الاحتياج الغامر للتكنولوجيا سيهزم أهداف التنمية المستدامة مستقبلًا بسبب الطاقة التي يستهلكها الذكاء الاصطناعي، فماذا ينتظرنا؟

كل يوم نستهلك فيه الذكاء الاصطناعي، تزداد فرص استهلاك الطاقة والضغط على البنية التحتية، فمن المتوقع زيادة الاستخدام العالمي لبرامج "AI" إلى ما لا يقل عن 10 أضعاف الاستهلاك الحالي؛ ما يعني تجاوز الاستهلاك السنوي للكهرباء في دولة صغيرة مثل بلجيكا بحلول عام 2026، إضافًة إلى زيادة دفع استهلاك طاقة مراكز البيانات إلى حوالي 6 % من إجمالي استهلاك الكهرباء في الولايات المتحدة الأمريكية.

استهلاك الكهرباء

تعالج تطبيقات الذكاء الاصطناعي مليارات نقاط البيانات وملايين الصور، باستثناء تعدين العملات المشفرة فهذه العملية احتاجت إلى استهلاك 1.3% من الكهرباء العالمية خلال عام 2022، بالتالي زيادة الضغط على شبكات المرافق المحلية، تعادل الكهرباء التي يستهلكها مركز بيانات واحد نموذجي بسعة 100 ميجاوات تزويد 80 ألف منزل بالطاقة.

لكن لا يعني ذلك أن قوة الحوسبة اللازمة للذكاء الاصطناعي ستؤدي بالضرورة إلى استهلاك مراكز البيانات لسعة أكبر من الكهرباء، فبين عامي 2010 و 2018 ازدادت الأحمال الحاسوبية بنسبة 550% بينما استهلكت مراكز البيانات نحو 6% من الكهرباء العالمية فقط.

لذا؛ تلجأ شركات كبرى مثل "جوجل" و"أمازون ويب" لخدمات الحوسبة السحابية؛ إلى مصادر الطاقة المتجددة، لدى تلك الشركات أهداف في اعتماد الذكاء الاصطناعي على الطاقة المتجددة بنسبة 100% .

بصمة "تشات جي بي تي"!

هل تتوقع/ ي ذلك؟؛ يقدر الباحثون أن شركة "أوبن إي آي" احتاجت إلى توليد 500 طن متري من الكربون خلال تطوير نموذج اللغة في "تشات جي بي تي 3"، تعادل هذه الكمية شحن 60 مليون هاتف ذكي وقيادة 1.3 مليون سيارة تعمل بالوقود الأحفوري وتوفير الطاقة لـ 63 ألف منزلًا في الولايات المتحدة لمدة عام.

استهلاك المياه

يبدو أن برامج الدردشة الآلية تحب المياه!، تشير الدراسات إلى أن تدريب نموذج الذكاء الاصطناعي اللغوي يحتاج إلى ملايين اللترات من الماء، في محادثة بسيطة تتكون من 20 إلى 50 سؤالًا وإجابة على برنامج الدردشة الآلي "تشات جي بي تي"؛ قد تستخدم نصف لتر من الماء.

في نفس السياق؛ استهلكت مراكز بيانات جوجل 16.3 مليار لتر من الماء عام 2021، في العام التالي زاد الاستهلاك إلى 30%، في تلك الفترة زاد استهلاك شركة مايكروسوفت إلى 34% من 4.7 مليار لتر إلى 6.3 مليار لتر سنويًا.

تسريع التعدين

لا تستغني أجهزة الحاسوب ومراكز البيانات عن الكولتان والكوبالت، تسهم زيادة الطلب على الذكاء الاصطناعي وتقدمه في تسريع عملية استخراج تلك المعادن، ما يؤثر سلبًا على جودة المياه ويزعج الحياة البرية ويتسبب في تآكل التربة وهبوط أرضي.

يمكننا تقليل تلك الآثار المدمرة للذكاء الاصطناعي على البيئة، من خلال الاعتماد على الطاقة المتجددة.
 

فوائد الذكاء الاصطناعي

حتى لا يكون الذكاء الاصطناعي هو الشرير في الرواية البشرية، فإن الخوارزميات بإمكانها التنبؤ بالمشكلات التي نواجهها في عملية التغير المناخي وتقديم حلول لها، كالتالي:

  • الكوارث الطبيعية

تواجه البشرية كوارث خارج السيطرة مثل الأعاصير وموجات تسونامي والزلازل المدمرة، كل هذه الظروف تؤدي إلى تكبد خسائر اقتصادية في إعادة الإعمار، من المحتمل أن يتنبأ الذكاء الاصطناعي بتوقيت حدوث الكوارث في أماكن محددة، ما يوفر الوقت للاستعداد والمواجهة.

  • حماية الحياة البحرية

تهدد النفايات البشرية من البلاستيك المحيط وتصيبه بالتلوث، إضافًة إلى الصيد الجائر، يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في رسم الخرائط للمحيط والمناطق المتراكم فيها القمامة ولا يمكن أن تصل لها الأيدي البشرية، إضافًة إلى استخدام الطائرات دون طيار لالتقاط الصور ومقاطع الفيديو للكائنات البحرية وتتبع الأنواع المهددة بالانقراض، يمكن أن يساعد ذلك في تطوير برامج مكافحة الصيد الجائر وحماية الكائنات البحرية.

  • ذوبان الجليد

قدم للذكاء الاصطناعي حزمة من البيانات حول تاريخ ذوبان الجليد وبعض البيانات العلمية الأكثر دقة، ستحصل على تنبؤ مدعومًا بنتائج دقيقة عن سرعة وامتداد ذوبان الجليد، فضلًا عن الميزة الثانية التي توفرها الآلات المبرمجة مثل الطائرات المسيرة دون طيار والأقمار الصناعية التي يمكنها رصد التغيرات في طبقات الجليد، كل ذلك يجعله يفهم أنماط الذوبان والتغيرات المستقبلية.

  • إزالة الغابات

تسببت إزالة الغابات في العديد من المشكلات البيئية، مثل التصحر وزيادة عوامل التغيرات المناخية بسبب ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون، كل هذه الأضرار المعروفة لم تتوقف حتى الآن لأسباب استهلاكية من البشر، لن يقدم الذكاء الاصطناعي حلول لإنهاء تلك المشكلة لكنه باستطاعته المساعدة في مراقبة الغابات وتحديد أكثر المناطق تأثرًا من خلال خدمة تحليل الصور الجوية والأقمار الصناعية.

  • تحسين إعادة التدوير

لا تتمكن برامج إعادة التدوير من التعامل مع عناصر كثيرة، على سبيل المثال 85% من البلاستيك ينتهي به الأمر في مكب النفايات؛ حدث ذلك في الولايات المتحدة خلال عام 2021، رغم ذلك قد يكون الذكاء الاصطناعي مساعدًا جيدًا في تحسين برامج إعادة التدوير من خلال تحليل بيانات النفايات وتحديد الأنماط والمناطق؛ ما يتسبب في ظهور نتائج أكثر كفاءة وتوقعات أكثر دقة في تحسين معدلات إعادة التدوير.

 

كيف نستغل الذكاء الاصطناعي لصالح البيئة؟

لا يتوقف الأمر على البرمجة لكن الأجهزة المدعومة بالذكاء الاصطناعي يمكنها أن تسهم في رصد التغيرات المناخية المحتملة، كالآتي:

أجهزة الاستشعار عن بعد

ترصد التغيرات البيئية وبالتبعية سهولة اكتشاف العلامات المبكرة للكوارث؛ أبرزها: الضغط الجوي وحرارة الأرض ومستوى المياه.

نماذج المحاكاة

يمكن تقديم نماذج محاكاة للمشكلات المحتملة؛ بدعم الذكاء الاصطناعي، ما يسهم في تحسين الاستجابة وسرعتها وخاصًة عند التعامل مع الزلازل والأعاصير.

الإنذار المبكر

يساعد الذكاء الاصطناعي في تحسين برامج الإنذار المبكر وفقًا للبيانات المعطاة له، ما يجعله أعلى كفاءة في التحذير ضد المخاطر.

تحسين الاستجابة

قد يسهم الذكاء الاصطناعي في تقليل عدد الإصابات جراء الزلازل والأعاصير، بعد تحليل أخر استجابة وتقديم البيانات الكافية لتقييم فعالية استراتيجيات الإنقاذ.

في النهاية؛ إذا وقفنا في وجه تقدم الذكاء الاصطناعي فنكون أشبه بالإنسان في العصر الحجري، إذا شجعنا تقدمه فنكون عطلنا تمكين الأهداف المستدامة لتحسين البيئة والعيش لمدة أطول على الكوكب، برأيك هل الذكاء الاصطناعي بريء من تدمير البيئة؟